مدير الأمن والسلامة بـ"قطار المشاعر": آلمني التشكيك في ذمم مسؤولين عرفوا بالنزاهة

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

- لم تحدث وفيات نتيجة التدافع والقطار لم يتعطل والمسؤولية تقع على الحجيج
- حضور أعداد كبيرة من حجاج إحدى الدول وتدافعهم للدخول من أبواب خلفية للمحطة أربك التفويج
- أقترح إنشاء جهة واحدة يناط بها عملية التفويج كاملاً
- أنشأنا وحدتي مداهمة سرية وقبض في مكة المكرمة فوصل معدل المقبوض عليهم يومياً إلى نحو 15 مجرماً
- هرب منا ساحر مشهور واختفى.. وبمساعدة أحد المشايخ استطعنا القبض عليه
- الأحياء العشوائية في رؤوس الجبال وأطراف المخططات خطر على المجتمع
- الجرائم في المجتمع لا تزال ضمن الحدود المتحكم فيها
- دلعوا بناتكم وقولوا لهن: "يا قمر، يا جميلة" قبل أن يتسلط عليهن من لا يخاف الله
- لا بد من محاربة جمهور "التفحيط" ومحاسبته للقضاء على هذه الظاهرة السيئة
- مالكو السيارات ساهموا في رفع نسبة سرقتها

شقران الرشيدي-سبق- الرياض: أبدى مدير الأمن الوقائي السابق بشرطة العاصمة المقدسة العميد المتقاعد الدكتور محمد بن عبدالله المنشاوي، الباحث الأمني، مدير إدارة العلاقات الحكومية، مدير إدارة الأمن والسلامة بشركة قطار المشاعر الحالي تألمه بسبب اختلاق الناس لأسباب غير حقيقية وتحريفهم موضوع تدافع الحجيج عند قطار المشاعر في حج هذا العام، والتشكيك في ذمة بعض المسؤولين ممن عرفوا بالنزاهة.

وأكد المنشاوي في حواره مع "سبق" على ضرورة فتح الجهات الأمنية قنوات التواصل مع الجمهور واستخدام التقنية الحديثة في مجالات عملها , مشيراً إلى أن المجتمع السعودي كغيره من المجتمعات برزت فيه الجريمة لكنها لا تزال ضمن الحدود المتحكم فيها.
وتطرق الحوار لعدد من المحاور الأمنية بشكل عام، وموسم الحج، ومعدلات الجريمة، وهروب الفتيات، وظاهرة التفحيط، والجرائم الإلكترونية..الخ، وفيما يلي تفاصيل الحوار:

** أثار تصريحك الأخير المنشور في وسائل الإعلام المحلية غضب الكثيرين؛ بسبب تحميلك الحجاج مسؤولية ما حدث من تدافع ومشاكل عند قطار المشاعر هذا العام، لماذا أخليت مسؤولية المنظمين ولجان الحج الأخرى وحمّلتها الحجاج فقط؟

- لم أقصد من توضيحي النشر الصحفي فقط، ولكن إبراء الذمة، وتوضيح الحقائق، حيث نشرته على موقعي الإلكتروني فعنونته بـ "تعطل قطار المشاعر حقائق من الداخل"، ووضحت فيه اسمي ووظيفيتي فقط حتى لا ينسب الكلام إلى خفّاش من خفافيش الإنترنت المجهولين، ولو كان الأمر قُصدت به وسائل الإعلام لما أوضحت فيه اسمي ووظيفتي لمعرفة غالبية الصحفيين بي، وقد كتب الله لتوضيحي الانتشار وتداولته وسائل الإعلام المختلفة، ولم أمانع من ذلك، فتوضيح الحقيقة مهم جداً، وما ذكر توضيح شخصي وليس رسمياً، أي يمثل وجهة نظري الخاصة فقط لا غير، وقد آلمني جداً اختلاق الناس لأسباب غير حقيقية وتحريفهم، بل ووصل الأمر إلى التشكيك في ذمة بعض المسؤولين ممن نعرف عنهم النزاهة، والله حسيبهم. وللأسف الشديد فقد عرضني هذا للتهكم والقذف من قبل البعض وقد تواصلت مع بعضهم من خلال مواقع التواصل المختلفة، وناقشتهم بعقلانية واقتنع بعضهم بل كان بعضهم قمة في أدب الحوار والحرص على معرفة الحقيقة المجردة.

وبالعودة لسؤالك في كوني حصرت أسباب المشكلة في الحجاج فقط، فهذا غير دقيق بل وضحت أن هناك أسباباً عديدة، جزء منها الحجاج أنفسهم، وللإحاطة فأجزم أن هناك أسباباً أخرى خلاف ما ذكرت، ولكن حتماً ليس تعطل القطار أحدها.

** لكن بعض الحجاج أكد وجود تأخير في رحلات قطار المشاعر، وزحام شديد في بعض المحطات، وسوء تنظيم.. الخ، ما ردك على ما يقال؟

- قبل البدء في توضيح حقيقة الأمر، لعله من المهم التأكيد على بعض الحقائق، وهي أنه كان هناك تأخير في بعض رحلات القطار، وكان هناك زحام شديد في بعض المحطات، لكن القطار لم يتعطل إطلاقاً، ولم تحدث أي وفيات أو إصابات جسيمة نتيجة التدافع. ولعله من المهم أيضاً توضيح آلية حركة القطار وجدول رحلاته، كونه خطط له ليعمل في أسرع وقت وأقصر زمن لنقل أكبر عدد من الحجاج وفق ما تم الاتفاق عليه في ورش العمل المختصة مع الجهات المختلفة، ومن ضمنهم مؤسسات الطوافة ومؤسسات حجاج الداخل.

كما أنه من المهم أن أشير بداية إلى أن حركة القطار يتحكم فيها غالباً شقان أو عنصران، هما: الشق الأول وهو الشق التقني أو التشغيلي ويناط بالشركة الصينية، كونها الجهة المسؤولة عن التشغيل، وبحمد الله لم ينتج بسبب هذا العنصر أي تعطيل أو تأخر في عملية حركة القطار.

الشق الثاني وهو التنظيمي وأنيط بجهات حكومية وأمنية مختلفة وأي خلل في عملية التفويج سينتج عنه تأخر في حركة القطار نتيجة عملية تدافع الحجيج وعدم التمكن من إغلاق أبواب القطار ما يمنع تحرك القطار. وأجزم وأنا مسؤول أمام الله عن ذلك، أنه لم يكن هناك أي تعطل في القطارات، ومن واقع معايشة دقيقة ولصيقة حيث كنت في غرفة العمليات للقطار ضمن مسؤولي الشركة الصينية، وعلى أعلى مستوى وليومين متواصلين بدءاً من الساعة الثامنة صباح يوم التروية وحتى الساعة الثانية عشرة صباح يوم العيد، حرصاً من العموم على تقديم أفضل الخدمات وإنجاح الحج حيث حرصت الشركة الصينية على إثبات مصداقيتها ورغبة في تجديد عقدها، كما حرصنا على ألا يسألنا الله تعالى عن أي قصور قد نتسبب فيه بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ونتسبب في مضايقة ضيوف الرحمن. علماً بأنه شارك في غرفة العمليات بالشركة جهات حكومية وأمنية مشاركة فاعلة في مهمة القطار.

** يتساءل الكثير من المتابعين عن كيفية دخول عدد كبير من الحجاج غير النظامين بلا تذاكر إلى المحطات وركوبهم القطار؟

-إدارة الحشود في الحج أمر غير سهل، تخيل وجود نحو 4 ملايين حاج من جنسيات مختلفة، وغالبيتهم ذوو ثقافات بسيطة، ويجتمعون في موقع محدد وموعد محدد، هل يمكن التحكم فيهم بسهولة شديدة؟
وبالرغم من الصعوبات إلا أن - حضور أعداد كبيرة من حجاج إحدى الدول وتدافعهم للدخول من أبواب خلفية للمحطة أربك التفويج، ولا بد أن نشير إلى أن هناك صعوبات كثيرة للتعامل مع مثل هذه الحشود بالرغم من أن الخطط وضعت والجهود بذلت، إلا أهم عقبة وهي عدم تعاون بعض الحجاج، وكذلك ثقافة بعض الحجيج المتمثلة في "أنا ومن بعدي الطوفان" والبعيدة جداً عن تعاليم ديننا الحنيف الذي حث على أن يحب المرء لأخيه ما يحبه لنفسه، والذي شدد على كف الأذى ومنع مضايقة الآخرين.

وما حدث هو خلل في عملية التفويج نتيجة أسباب كثيرة، منها كما ذكرت حضور أعداد كبيرة من حجاج إحدى الدول وتدافعهم للدخول من أبواب خلفية للمحطة.

** يتردد أن الشركة الصينية المشغلة لقطار المشاعر غير راضية عن المبلغ المتعاقد عليه، لأنها تعتبره غير ربحي، لذلك خفضت النفقات حتى لا تتكبد خسائر مادية، وهو ما أثر على جودة الخدمات المقدمة، ما تعليقك؟

-ما أعرفه هنا هو أن الشركة وإن حرصت على تخفيض التكاليف التوظيفية والكمالية، مثل تخفيض استخدام الكهرباء، وتقليل المصاريف الكمالية، والحد من البطالة المقنعة لديها فهي إجراءات مشروعة لكل جهة طالما لم تتضرر بذلك الأمور التشغيلية، وهذا لا يمكن أن يحدث فالشركة حريصة على الوفاء بعقدها فهي من الشركات الكبيرة والمعروفة على مستوى العالم ولا يمكن أن تقبل بما يضر بسمعتها العالمية، كما أن هناك مسؤولين من الوزارة يتابعون عمل الشركة وتصحيحه إن وجد أي خلل لا سمح الله، ولذلك فمهما حدث لا يمكن أن يكون ذلك على حساب جودة الخدمات.

** لماذا لا تباع تذاكر القطار للأفراد "الحجاج" بدلاً من بيعها للمؤسسات والهيئات وحملات الحج؟

هذه أمور خاصة بوزارة البلدية والشؤون القروية، وأعتقد أنها لأسباب تنظيمية، ولك أن تتخيل أنه مع التشديد في هذه الأمور التنظيمية والتأكيد على مؤسسات الحجاج بالتقيد بالتفويج المخصص لكل مكتب، ومع ذلك حدث الخلل فما بالك إذا بيعت التذاكر للعامة حيث يصعب إلزامهم بوقت محدد للتفويج فتحدث الفوضى ويحدث التزاحم بشكل أكبر.

** هل هناك رغبة في توظيف المرأة السعودية في قطار المشاعر؟

هذه أمور خاصة بالوزارة أيضاً، ولكن اسمح لي أن أسألك سؤالاً: لماذا أصبحت المرأة تقحم في كل الأمور؟ فلا يكاد أي صحفي إلا ويسأل عن توظيف المرأة وفي كل مناسبة وكل موقع حتى إن لم يكن يناسبها كامرأة مسلمة، فللمرأة أعمال خاصة بها، وما لم تحفظ كرامتها وتليق بها شرعاً، فلا وألف لا؟
وأعجب حقيقة من الهجمة الأخيرة لإقحام المرأة في كل مجال، ولعل ما أذكره الآن سبب للهجوم عليّ من البعض، فقد حرص البعض على مسايرة الموضة الأخيرة فقط حتى لا يوصف بالتخلف أو خوفاً من الهجوم المضاد.

** ما أبرز المشكلات التي تواجهونها في قطار المشاعر؟

قد تكون أهم عقبة هي صعوبة التواصل مع العاملين في الجهات المختلفة وقت المهمة في بعض الأحيان لانقطاع وتوقف شبكات الاتصال سواء الجوالات أو شبكة برافو، وبالتالي كنت أتمنى وجود جهاز لاسلكي موحد يربط جميع العاملين في مهمة القطار ليسهل التواصل معهم، علماً بأن الشركة الصينية قامت هذه السنة بتزويد جميع القيادات العاملين في مهمة القطار بأجهزة برافو ليسهل التواصل بينهم ولكن انقطاع الشبكة في بعض الأحيان صعّب المشكلة.

كما أقترح إنشاء جهة واحدة يناط بها عملية التفويج كاملاً لتسهل السيطرة على الحشود مع دعمها بالعدد الكافي من القوى البشرية وضرورة وجودها قبل فترة مناسبة في المهمة للتعرف على المواقع والتدريب الميداني على الطبيعة.

** كمدير للأمن الوقائي بشرطة العاصمة المقدسة سابقاً، كيف استطعتم منع الظواهر السلبية، ومراقبة حركة المشاة الكبيرة على الطرق المؤدية إلى الحرم؟

-سجلت إنجازات كثيرة بفضل الله ثم بتعاون العاملين معي في الشعبة، وبالرغم من صرامتي الإدارية إلا أنني وجدت رجالاً أشكرهم من عميق قلبي على جهدهم وتفانيهم. وحقيقة فقد كانت البداية صعبة نوعاً ما في التوفيق بين العمل الأساسي للأمن الوقائي المتمثل في منع الجريمة قبل وقوعها وبين ما أنيط بي من مسؤوليات جانبية تنظيمية، وقد دخلنا كثيراً في منازعات رسمية مع جهات مختلفة لهذا السبب، فالكثير كان يرغب في وجود العسكر معهم في كل لجنة ولو كانت لردم الحفر، وهذا مع مخالفته للتعليمات إلا أنه أمر تعود الناس عليه للأسف ومنع الأمن الوقائي من ممارسة مهامه الأساسية في منع الجريمة. وقد توفقت -بفضل الله- في هذا الجانب حيث كثفت الحملات الأمنية وسيرت الدوريات السرية والعادية، وتم إنشاء وحدة مداهمة سرية كانت لها نتائج مميزة في محاربة السحرة والقبض على مروجي المسكرات والمخدرات وعصابات السرقات والنشل، كما أنشأت وحدة خاصة للقبض على المطلوبين كانت لها نتائج مميزة حيث وصل معدل القبض على المطلوبين يومياً نحو خمسة عشر أو أكثر.

** بصفتك خبيراً أمنياً، وعميد شرطة متقاعد في الأمن العام.. كيف تصف لنا الوضع الأمني لحج هذا العام؟

هناك مثل يقول "في شي يبغاله شهود وشي شهوده منه فيه" فنجاح الحج أمنياً شهد به الأعداء قبل الأصدقاء، ولك أن تتخيل أنه وبالرغم من هذه الحشود الكبيرة جداً فلم يحدث ما يعكر صفو الحج أمنياً.. أليس في هذا ما يكفي.

** المتتبع لسيرتك العلمية يجد أنك درست العلوم الجنائية في أمريكا، ولك العديد من البحوث داخل المملكة وخارجها في هذا الجانب، فما أبرز توجهات هذا التخصص في الوقت الراهن؟ وعلى ماذا يركز؟

قمت بعدة بحوث أمنية وميدانية كثيرة توجت توصيات بعضها بموافقة وزارة الداخلية أو الإمارة وصدرت توجيهات لشكري وتقديري في بعضها، وإن كانت هذه التوجيهات لم تنفذ حتى الآن بل الأعجب أنها منحت لغيري في الأمن العام، وقد قمت بتنفيذ العديد من الدراسات العلمية الأمنية النظرية والميدانية.

** عنيت في دراستك بتحليل السلوك الإجرامي، فما أبرز سمات وملامح سلوك المجرمين في المجتمع السعودي حالياً؟

-المجتمع السعودي كغيره من المجتمعات مع ما يميزه من خصائص تتعلق بالنواحي الدينية والاجتماعية إلا أنه بصفة عامة فإن الجريمة هي ظاهرة اجتماعية تظهر في كل مجتمع ولا تخلو منه أي مجتمعات وهي تتطور بتطور المجتمع، ولدينا في مجتمعنا كغيرنا جرائم ترتكب وحوادث تسجل ولكنها وبصفة عامة لا تزال ضمن الحدود المتحكم فيها بحمد الله وفضله ومنته.

** هل يمكن القول أن مستويات العنف في المجتمع السعودي تزداد؟

وهل تعتقد أن المجتمع سيبقى كما هو مع الانفتاح الإعلامي غير المحدود سواء وسائل الإعلام المختلفة التي تنشر أفلام العنف أو حتى العاب الأطفال التي تكرس على ألعاب القتال والحرب أو حتى القنوات الإخبارية التي لا تخلو من حوادث قتل أو عنف، فهل يمكن بعد هذا كله ألا يتأثر مجتمعنا بها؟

** كيف يمكن إيجاد تقارب بين رجال الأمن والمجتمع والتعاون وتقدير الأدوار مثل ما نراه في المجتمعات المتقدمة؟

قد يكون، وهذا الآن أعتقد أنه قد خف كثيراً، وفي إشراك الجمهور في الأعمال الأمنية غير التخصصية دور في التقارب، فمتى ما عرف الآخر العمل المناط بك والجهد الذي تبذله سيقدر عملك، ومتى ما عرف رجل الأمن أن المستفيد من هذه الخدمات الأمنية والخدمية هو عميل له حقوق وواجبات ونسعى لإرضائه في الحدود المعقولة فستزول هذه العقبات.

ولعلي أشير إلى تجربة الشرطة المجتمعية التي كلفت بتنفيذها والإشراف عليها قبل نحو عشرة سنوات حيث طبقت لثلاثة أشهر وكانت تكرس على جهد الجمهور التطوعي وقد نجحت بفضل الله بكل المقاييس وطالب الكثير بتطبيقها، ولكن للأسف دخلت التجربة في لجان منذ ذلك الوقت ولم تر النور بعدها بالرغم من أنني حرصت على تسليط الضوء عليها إعلامياً حتى منعت رسمياً من التحدث عنها كما أن رسالتي للدكتوراه كانت عن الشرطة المجتمعية وبعثت بنسخة بها للمختصين في الأمن العام لعلهم يستفيدوا منها وما زلت أتمنى أن يتم تطبيق الشرطة المجتمعية سريعاً لأهميتها وثبوت جدوى تطبيقها.

** بحكم خبرتك العسكرية الطويلة، هل نستطيع القول أن الإرهاب لم يعد يهدد أمن المجتمع السعودي؟

لا.. لا يمكن لأي مجتمع أي يكون في منأى عن الخطر الأمني، وأي مجتمع يصل لهذه القناعة فهو في خطر شديد. نعم نجحت أجهزتنا الأمنية وبفضل الله في التعامل وبنجاح كبير مع مثل هذه الظواهر الدخيلة علينا ولعل أهم سبب بعد توفيق الله هو في أن الحل كان شاملاً فلم يركز على الحل الأمني فقط بل كان الحوار أيضاً وهو أمر مهم جداً في التعامل مع مثل هذه الظواهر فالنقاش والحوار والعمل الأمني يجب أن يسيرا سوياً جنباً إلى جنب دون إيثار حل على الآخر.

** تجتاح ظاهرة "التفحيط" مختلف المدن السعودية ويذهب ضحيتها آلاف الشباب سنوياً.. كيف يمكن الحد منها؟

أي مشكلة لا يمكن حلها إلا بعد الاعتراف بها فما لم نعترف بالمشكلة لن نحلها، ولذلك يجب أن نعترف بالمشكلة أولاً ومن ثم نضع الحلول الشاملة لها والتي يساهم جميع الأطرف في وضعها فلا يتم حصرها على الجهات الأمنية بل تشترك بها الجهات العلمية والمجتمعية المختلفة بل وحتى الجمهور. ولعلي اقترح في تخصيص نوادي ومواقع مخصصة ومدروسة لممارسة مثل هذه الأنشطة وفق ضوابط مدرسة وشروط سلامة مشددة. أما على سبيل محاربتها في الشوارع والمواقع العامة فلعلي أركز على محورين: الأول: تشديد العقوبات على ممارسة هذه الأنشطة مثل السجن ومصادرة وسيلة التفحيط وحتى إن كانت مستأجرة فيعاد بقيمتها على الممارس وإن كانت مسروقة فهذه قضية جنائية ويكلف الجاني أيضاً بقيمة السيارة المصادرة.

والثاني: محاربة الجمهور ومحاسبته وبذلك لن تجد أي مفحط ما لم يجد أي جمهور.

** هل هناك انعكاس سلبي لما يعرض من عنف في الأفلام الأجنبية والقنوات الفضائية يؤثر على ارتفاع معدلات الجريمة وتنوعها بين الشباب؟

نعم وهناك دراسات علمية كثيرة توضح ذلك فالبشر يتأثرون بما يشاهدون، والإنسان ابن بيئته يتأثر ويؤثر.

** ما أسباب ارتفاع معدل تعاطي المخدرات في المجتمعات المحافظة؟

المخدرات آفة المجتمعات وحرب شعواء يشنها أعداؤنا، ومجتمعنا كمجتمع مسلم محافظ يستهدفه الأعداء من كل مكان بل لعل وسائل الإعلام نشرت وثائق تفضح بعض الجهات التي ركزت على نشر سمومها في بلادنا، وهناك أسباب كثيرة لهذه الظاهرة، لعل أهمها رفيق السوء، والتفكك الأسري وضعف الوازع الديني والرقابة الأسرية والذاتية.

** كيف تنظرون لتنامي سرقة السيارات في المدن؟

ارتفعت نسبة سرقات السيارات ولا شك ولكن هناك أسباب كثيرة ولعل مالكي السيارات يساهمون بتصرفاتهم السلبية في ذلك فكثير من السيارات المسروقة تكون عندما يتركها صاحبها في وضع التشغيل وينزل منها لقضاء غرض ما وعند عودته ولو بعد دقائق لا يجدها، وهذه مسؤولية قائدها ويجب توعية الجمهور بمثل هذه الأمور، كما أن النسبة المسجلة لسرقة السيارات غير دقيقة نتيجة تسرع البعض خاصة في مكة المكرمة وفي مواسم العمرة والحج بالإبلاغ عن سرقة سياراتهم التي يتضح لاحقاً أنها كانت مخالفة لنظام السير وتم سحبها من قبل المرور.

وقد نفذت دراسة علمية كما أشرت سابقاً عن سرقة السيارات وأتمنى العمل بتوصياتها.

** كخبير أمني، ما تحليلك لكثرة المشعوذين والسحرة والدجالين الأفارقة في المدن؟

ضعف الوازع الديني هو السبب الأكبر، وقد كانت لشعبة الأمن الوقائي جهود كبيرة إبان رئاستي لها في القبض على المشعوذين في مكة المكرمة حتى كادوا يختفون، بل إنهم اختفوا كثيراً وكنا نستدرج في آخر الأيام مشعوذي جدة للقبض عليهم في مكة المكرمة وتم فعلاً استدراج البعض ووضع كمين لهم والقبض عليهم متلبسين، بالرغم من أن التعامل مع هذه القضايا صعب جداً والقبض على الساحر متلبساً وخاصة في المناطق الشعبية أمر غير سهل، إلا أن الله وفقنا كثيراً في ذلك فعدد كبير من مخالفي الأنظمة والإقامة في الأحياء العشوائية بمكة ومنهم شريحة لا بأس بها يضعف الوازع الديني لديهم، فلا يتورعون عن ارتكاب أي مخالفة شرعية أو جنائية لجمع الأموال، ولذا تم التركيز على هذه القضايا وأعطيت الأولوية في مكافحتهم، وقد وفقنا الله في القبض على عدد من المشعوذين بالجرم المشهود وبلغ عدد من قبض عليهم من قبل شعبة الأمن الوقائي خلال ثمانية أشهر في عام 1428هـ 46 ساحراً، وعملية القبض عليهم ليست سهلة فهي تستغرق وقتاً طويلاً ما بين الوصول إلى المشعوذ والتعرف على نشاطه، ومن ثم بث التحريات السرية التي تؤكد فعله المخالف وبعدها يتم الوصول إليه من خلال طلب خدماته ومن ثم القبض عليه بالجرم المشهود.

أما أبرز الحالات التي مرت عليّ عند القبض على هؤلاء، فأذكر منها حادثة القبض على ساحر مشهور وصلت معلومات أن عدة جهات حاولت القبض عليه إلا أنه يتمكن من الهرب والتخفي، وبعد الاستعانة بأحد المشايخ الأفاضل ممن عرف عنه القراءة الشرعية على المسحورين، استطعنا القبض عليه. ولا أنسى نظرة الاستغراب التي بدت على عينه وأنا أكبل يديه ولسان حاله يقول كيف تمكنتم من القبض عليّ؟ وهناك قصص أخرى كثيرة لعلي أختمها بقصة أحد الدجالين من ممارسي عملية إيهام الناس بتنزيل الأموال ومضاعفتها، وهؤلاء في الغالب نصابون يستغلون خفة الحركة وطمع الضحية في الأموال، وبداية القصة أن الدجال دخل إلى الموقع المعد ككمين أمني مع المتعاون واستغرق أكثر من أربع ساعات في عملية إيهامه للمتعاون بأنه سوف ينزل الملايين المتفق عليها، وكان بين فترة وأخرى يطلب أشياء غريبة منها شموع وزيت وملابس ولم يكن أمامنا بد من تنفيذ تلك الطلبات، وبعد أربع ساعات طلب من المتعاون معنا الدخول للغرفة وكان أطفأ الأنوار وأشعل الشموع والبخور ووضع كرتوناً أسفل الحقيبة من الداخل ونثر عليها بودرة بيضاء ورص بها بعض المبالغ من العملة النيجيرية من فئة العشرين وهي تماثل في لونها وحجمها ورقة خمسمائة ريال بطريقة غطت سطح الحقيبة ووضع بينها ثلاث ورقات من فئة الخمسمائة ريال ليوهم المتعاون "الضحية" بأن الحقيبة ممتلئة بأوراق نقدية من فئة الخمسمائة ريال، فأعطى المتعاون الإشارة المتفق عليها وتمت مداهمته وفوجئ المشعوذ بنا ولم يصدق أنه وقع في كمين أمني.

** ما الإنجازات التي تحققت من الحملات التي نفذتموها إبان عملك في شعبة الأمن الوقائي؟ وهل أدى ذلك لانخفاض في مستوى الجريمة؟

- الإنجاز من وجهة نظري يقاس بشيئين، الأول معنوي وهو رضا المواطنين والمقيمين عن نتائج الحملات، والثاني رقمي وهو إحصائية لنتائج الحملات التي بلغ إجماليها خلال عام 1428هـ والثلث الأول من عام 1429هـ 6895 حملة وضبط خلالها على 78818 شخصاً منهم 14525 باعة مخالفون و394.4 مخالفو أنظمة الإقامة و3598 متسولاً و20790 في قضايا جنائية و207 قضايا مخدرات و293 قضايا أخرى، كما تمت مصادرة 38042 بضاعة مخالفة وحجز 889 سيارة مخالفة و5877 دراجة نارية مخالفة وتحرير 5009 مخالفات مرورية.

** تشكل الأحياء العشوائية في المدن أماكن لارتكاب كل أنواع الجرائم من القتل إلى السطو المسلح والسرقة والمخدرات والشعوذة ومأوى للهاربين من العدالة، كيف يمكن السيطرة على تلك الأحياء وإعادة تنظيمها لحفظ الأمن؟

الأحياء العشوائية أسهمت في تجمع عمالة مخالفة لنظام الإقامة والعمل، وكذلك الخارجين عن القانون على هيئة مجموعات عرقية تتناثر في عدة أحياء في العاصمة المقدسة، وقد أخذت من رؤوس الجبال وأطراف المخططات في ما يعرف بالمناطق العشوائية مقراً لتواجدها وسكنها وتكاثرها، وهذه المجموعات تشكل خطراً على المجتمع ليس على النواحي الأمنية وحسب بل تشكل خطراً على النواحي الاجتماعية والاقتصادية وحتى البيئية، نظراً لافتقار مثل هذه المناطق لأبسط قواعد التنظيم الحضاري، وبالتالي انعدام الخدمات التي يمكن أن تقدمها أجهزة الدولة المختلفة، ومن المتفق عليه أن الأحياء العشوائية تكون بيئة حاضنة للجريمة حيث تتخللها المجموعات غير السوية وذات الأهداف الإجرامية، نظراً لعشوائية المساكن وانعدام الترابط الأسري وضعف الوازع الديني لدى نسبة غير قليلة منهم وللفقر الذي يسود بينهم.
ولعل من أهم الخطط التي تتبناها الدول للحد من هذه الظاهرة، العمل على تحسين المناطق العشوائية بشق الطرق وإقامة المشاريع المعمارية التي تسهل وصول الخدمات المختلفة لسكان تلك المناطق، وتسهيل التحكم الأمني في تلك المناطق ولن يتحقق النجاح ما لم تتضافر جهود الجميع، فالأجهزة الأمنية والخدمية ليست الوحيدة المسؤولة عن معالجة مثل هذه الظاهرة وإن كان يقع عليها النصيب الأكبر إلا أن دور المواطن مهم جداً في توفير بيئة آمنة متماسكة في ظل النظام.

** كيف يمكن الحد من انتشار الجرائم الإلكترونية بما فيها جرائم الهكر والاستيلاء على موقع أو منتدى إلكتروني، أو محاولة تشويهه؟

لعلي أشير إلى دراستي للماجستير والمعنونة "جرائم الإنترنت في المجتمع السعودي" والمقدمة لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية عام 1423هـ وتوصلت بحمد الله فيها إلى توصيات مهمة جداً في الحد من هذه الظاهرة، فضلاً عن توصيفها لهذه الجرائم وتحديدها حيث لم تكن تعرف من قبل.

** لماذا يوجد في المجتمع هاربات من منازلهن؟ هل هناك أسباب اجتماعية أم اقتصادية وراء هروب الفتيات؟

يعزى هروب الفتيات من منازل ذويهن إلى العديد من الأسباب، منها: التفكك الأسري والمشاكل الأسرية وامتهان كرامة الفتاة داخل المنزل سواء بالضرب أو بالمعاملة القاسية، وسوء أخلاق أحد الوالدين كإدمان الأب على المخدرات، وإجبار الفتاة على الزواج ممن لا ترغب، ورفيقات السوء اللواتي يحرضن الفتاة على الهروب، والتأثر بما تبثه القنوات الفضائية من أفكار سيئة مغايرة تماماً لأفكار المجتمع وقيمه وعاداته.

وعلى رب الأسرة أن يكون عاقلاً في التعامل مع مثل هذه الحالات وعليه كذلك أن يكون محاوراً جيداً لبناته وأن يصغي لما يقلن، وألا يجبرهن على ما لا يرينه مفيداً وصالحاً في حياتهن، وألا يكون جافاً معهن عاطفياً بل يمدحهن ويثني عليهن بكلمات الثناء والغزل الشريف العفيف الذي لا يخدش الحياء، مثل مناداته لابنته: يا قمر، ويا جميلة، وغيرها من كلمات الثناء بدلاً من "يا بنت" يا هيش" أو نعتها بصفات قبيحة، وليسمعها كلمات المدح في جمالها حتى ولو كانت قبيحة قبل أن يتسلط عليهن من لا يخاف الله، فيغويهن بكلمات معسولة.

» ورة الأمن والسلامة فى المخاطر الكيميائية
» تنمية مهارات مسئولي الأمن والسلامة الصناعية
» برنامج التدريب في مجال الأمن والسلامة والصحة المهنية